الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

تطور الشعر العربي عبر العصور

 يُعَدّ الشعر الجاهليّ هو النموذج الأعلى في الشعر العربيّ، وقد كان في قصائده الطوِّال يلتزم ‏سنّة واحدة في نهج القصيدة من التزام المُقَدِّمَة الطللية مرورًا بالحديث عن الرحلة والناقة ثمّ ‏التخلّص إلى موضوع أو موضوعات رئيسة. وكان بعضهم كزهير يعتنون بتنقيح أشعارهم ‏وإعادة النظر فيها مرّة بعد مرّة.‏

وفي صدر الإسلام استفاد الشعر من حركة الفتوحات الإسلاميّة التي رفدته بمعاني جديدة ‏تتعلّق بالتمسّك بالدين الجديد والجهاد في سبيله، وبقيت القصيدة على النهج الجاهليّ دون ‏تطوّر في الشكل، مع سهولة في الألفاظ وانسياب في المعاني تحت تأثير القرآن الكريم ‏والحديث الشريف.‏

وفي العصر الأمويّ أيضًا لم يكن هناك خروج على نهج القصيدة المتوارثة، وإنْ كان الشعر قد ‏استفاد من حركة الأحزاب السياسية ومن ظاهرة النقائض وازدهار الغزل بأنواعه. وكذلك فإنّ ‏شيوع المزدوجات كان من أبرز تطوّرات الشعر في هذا العصر إلى جانب أنواع أخرى من ‏الرجز.‏

أما التطورات الكبرى فقد بدأت منذ العصر العباسي الذي تطورت فيه الحضارة تطورًّا كبيرًا ‏متسارعًا، وتبعًا لذلك طرأت تطورات على الشكل والمضمون الشعريين، وكانت قولة أبي ‏العتاهية الشهيرة: أنا أكبر من العَروض، واستبدل أبو نواس المُقَدِّمَة الخمرية بالطللية، بل حتى ‏إنّ سَلْم الخاسر قد كتب شعرًا من تفعيلة واحدة.‏

ومن أبرز التطورات الفارقة في مسيرة الشعر العربي في الأندلس هو ظهور الموشحات التي ‏ارتبط ظهورها بالغناء وجوّ اللهو، وكانت بألفاظها الرقيقة ومعانيها الطريفة وموسيقاها العذبة ‏مناسبة لذلك، وبناء الموشح لا يتفق مع القصيدة العربيّة من حيث الشكل واللغة والقافية ‏والوزن.‏

أما في العصور التالية فقد ركن الشعراء إلى التقليد، وأُولعوا بالبديع،، وقلّ الابتكار إلا عند ندرة ‏من الشعراء من أمثال صفي الدين الحلي وابن نباتة وغيرهما. إلى أن بدأ العصر الحديث فعاد ‏الشعر إلى احتذاء النماذج القديمة القوية، وبرزت اتجاهات عدة من إحيائية ورومانسية وواقعية ‏وغيرها، وتطوّر الشكل من التزام بالقديم إلى الشعر الحرّ (التفعيلة) وقصيدة النثر. ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق